يا إلهي ... كان كسيحاً!!
” الساخر كوم ”
قفز في ذهنه برنامج تلفزيوني تشبث بخلايا ذاكرته لكثرة ما أُعيد عليه وعلينا ” فالتكرار يعلم الـــــ .. شطار” يقفز فيه مذيع أجش الصوت على مسامعنا ليقول جملة واحدة فقط لاغير”.. هذه بلادي”،
قال صالح: نعم …هذه بلادي … وأشار إلى الشوارع.
****
لفت نظره رجلُ مسنُ يتفيأ ظل مسجد الحارة – وهو ليس أحسن حالاً من بقية المباني .. والشيخ كذلك- ويدحرج حبات مسبحته التي صنعت من نوى الزيتون متمتماً بأدعية يظهر أثرها على وجهه سكينة ورضا غير خافيين.
– السلام عليكم …قال صالح محيياً الشيخ وفاتحاً باب الحديث ..
– وعليكم السلام .. رد عليه الشيخ بعد أن رفع إليه نظره..إجلس يا بني فإن الوقوف هو أسوأ عادة يتعلمها الإنسان..
جلس ومن فوره بدأ سيل استفهاماته الذي – كما سنرى – لن ينتهي..
– ولماذا كان الوقوف أسوأ عادة .. قال صالح مبتسماً
– لأنه العجز يا بني..مقنعاً بنية المسير..
– فما هو الجلوس إذاً ؟؟
-الجلوس يختلف .. فهو إن كان عن قوة كان مجرد استراحة..أما إن كان عن عجزِ فهو وضوح.
تمتم صالح قائلاً ” هذا أقل ما أستحق .. لا تجد سيارتي مكاناً تتعطل فيه غير حارة فيلسوف”
-كيف تعيشون في هذه الحارة وهي بهذا الشكل؟؟ سأله صالح.
– نحن لا نعرف كيف نعيش … ولا حتى كيف نموت..
– لماذا لا تذهبون إلى مكان آخر؟؟
– فكرة الذهاب وحدها تحتاج إلى خيارات..
– أنت لا تمانع إذاً في الرحيل؟؟
– ربما لأنه لا توجد خيارات أصلاً .. فيصبح الرفض ترفاً.
– لم أر في حياتي أناساً بمثل عجزكم .. كيف لا تطورون أنفسكم وتبنون حارتكم..؟؟ تساءل صالح مستفزاً
– أجابه الشيخ بابتسامة ماكرة..على الأقل نحن لا ندمر حارات أخرى..
– ماذا تقصد؟؟
– ولا نلقي بتبعات أفعالنا على الآخرين..
– ماذا تعني ؟؟؟؟؟
– ولا نعطي الأوامر لهم كي يعيشوا .. ثم نعطيها كي يموتوا بطريقة تلائم أحاسيسنا..
– أنت تهذي أيها الشيخ..
– بل أنت من لا يريد أن يفهم..
– أنا لا أستطيع أن أغير من واقع الأمر شيئا..
– هذه حجة من يحب الوقوف..
– على الأقل لا أستطيع ذلك وحدي…
– الواقفون كثر..
– الطريق طويل..
– حتى تبدأ المسير فيه..
– وهو شاق ايضاً…
– لذلك لا يرتاده الكثيرون..
– أريد من يعطيني الخطوة الأولى وسأكمل بعدها…
– من يمشي الخطوة الأولى .. سوف يكمل ويتركك على الرصيف..
– ولكن البداية تحتاج الكثير…
– نعم .. العزم والقوة والإيمان..
– لا لا … ليس هذا ما أعنيه.. الخطوة تحتاج دعماً
– الخطوة تحتاج رجالأ…
– الجو العام لا يساعد..
– أنت تختلق الأعذار…
– الخطوة أرض وقدم….
– الخطوة ………………. قرار.
قالها واخذ يزحف على مؤخرته معتمداً على قبضة يديه… مبتعداّ نحو الشارع…
– ……. ” يا إلهي …. كان كسيحاً” … كان صالح يتمتم مذهولاً.
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق