عين ثالثة

” الساخر كوم ”

هناك بعيدا في الشرق القصي الساحر..حيث تصبح العاديات أمورا غريبة و يعتاد الناس على كل غريب ، وفي سقف العالم بالتحديد .. التبت … حيث يعيش النيباليون على هامش الحياة يتزعمهم ملك له ولاء السياسة وليس له أن يطمح في ما وراء ذلك ، أما الحب والاحترام والتقديس فمن نصيب صبي في الرابعة عشرة من عمره !!!. هذا الصبي اختير بعناية فائقة من كهنة بوذا المسيطرين على زمام الأمور هناك . ولكي يصبح هذا الفتى أهلا لهذا المنصب الخطير فإنه يمر بعدد من المراحل التجهيزية لتأهيله للقيام بمهام منصبه الجديد كزعيم فوق العادة لكل بوذي على وجه الأرض. لكن أغرب وأخطر هذه المراحل هي عملية جراحية تجرى لهذاالصبي في المخ يستطيع بعدها الدلاي لاما ( هذا هو الاسم الرسمي لهذا الزعيم ) التفريق بين من يكذب ومن يقول الصدق !!!! لا تستغرب فقد اتفقنا منذ البدء بأننا نتكلم عن بلاد الغرائب …

كيف يفعل ذلك ؟؟!

يقول الكهنة أنهم بهذه العملية الجراحية يزيحون الغطاء عن عين ثالثة ترى مالا تراه العينين الاخريين ، فمن يكذب يصدر جسده موجات شعاعية غير مرئية لنا لكن هذه القدرة المضافة إلى الدلاي لاما تمكّنه من إدراك هذا الفرق. وأكثر من ذلك ان هذا الزعيم يستطيع أن يبطل مفعول هذه العين وقتما يريد إذ أنه حسب رأي الكهنة لا يستطيع إحتمال العيش إذا تركها تعمل بشكل دائم لأن الكذب والخداع طبيعة بشرية تحتاج الكثير لردعها ولكنها لا تبحث إلا عن القليل لكي تظهر إلى الوجود.

ولو كانت هذه العملية تُجرى في المستشفيات لقصدها الكثيرون لإجرائها على الرغم من خطورتها وتكلفتها العالية المتوقعة، فأنت تقضي حياتك تعطي لمن تظنه يستحق ..

تُفني أيامك وأنت تجعل مصالح من تحب فوق كل إعتبار …

تتعرض لأسوأ المواقف وتطحنك مريرات التجارب لعيونٍ تبصر كل من على الكوكب لكنها لا تراك…

وآذانٍ تسمع دبيب النمل ولكنها عن صرخاتك في سباتٍ عميق.

تُغدق بلا حذر ..

تُعطي بلا حدود ..

تتصرف دون أن تحسب حسابات الحقل والبيدر ..

تعتقد أن الكل مثلك .. وأن كل خلق الله يرون ما ترى ، يحسون بما تحس ، يقدّرون الجمال ، يقدّسون الصدق ، يبجّلون الوفاء…

هراء …….. هراء……………………………………هراء.

هناك أناس خلقهم الله كالأمهات .. كالأشجار .. كالأنهار…

هناك من يعطي حتى وإن كان الآخر جاحدا .. ناكرا لكل ما هو جميل .. حتى وإن كان حاقداً .. خائناً.. جارحاً..
وعلى استعداد لإن يعطيه لآخر ما يملك .. بل وحتى ما لا يملك لو استلزم الأمر……………………….. تلك هي الأم.

هناك من يسمو فوق كل التفاهات .. فوق أكوام الأذى ..ونفايات الشتائم .. يٌوصم بالعار فيقدم الشهد.. يٌرمى بالخطايا فيساقط المعروف عليهم رطباً جنيا ………تلك هي الشجرة.

هناك من يهب الحياة ( بأمر الله ) للناس .. فيجهدون ليطعنوه بخناجر الفناء .. يقطع المسافات اليهم ليطهرهم من رجسهم ..فيستخرجون من أنفسم ما يجازونه به من منتن القاذورات.. يقطّعون أشلائه فيتركهم ويستمر في طريقه ليهب الحياة والطهارة لخونةٍ آخرين……………….. ذاك هو النهر.

فإن كنت .. أماً .. أو .. شجرةً .. أو .. نهراً

فسوف تحتاج إلى عين الدلاي لاما لكي تميّز بين من يستحق ومن لا يستحق ..

وبين من يماثلك في الشعور ومن يُمثّل عليك المشاعر …

بين مارك أنطونيو و بروتس .

فهذا البروتس لن يعدم المبررات إذا ما غرس في ظهر عطاءك خنجر الغدر ولن يعدم الأعذار عندما يغمد سكينه في خاصرتك تحت مظلة المصالح الممزقة…

في هكذا واقع … لا أعتقد أن من المنطق أن تطمح إلى سماع كلمة شكر أو عبارة امتنان ممن أحسنت إليهم في يوم ٍ من الأيام ….
يكفيك أن لا تشرق عليك شمس يوم ٍ تقول فيه لشخص كان القلب يسكنه ….

” حتى أنت يا بروتس”!!

ابن رشد

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فكَر معي..

لا عليكم.. سوف يعتذر‍‍‍‍