هارون الرشيد .. والكرافته!!
” الساخر كوم ”
..لي صديق ٌمغرم بالشائعات، وهو يحبها لدرجة أنه يصدقها ويتفانى في نشرها ويقدم التفسيرات والتأويلات لكل من حاك في نفسه شك حول مصداقية شيء منها. ثم إنه لا يختار منها إلا سميناً متعسراً على الفهم والهضم فيرميك بها، فإن لمح على صفحة وجهك سحابة شك قطع حديثه ولوى عنقه وسمّـر نظراته في وجهك وهو يقول :” يا أخي .. أنا عمري كذبت عليك !!؟” فيبهتك أمام الله والناس أجمعين:confused: .
وهو يقول بأن الشائعة بنت الحقيقة غير الشرعية فهي لا يُعرف لها أب .. ولكن هذا لا يعني أنه ليس لها أب!!. كما أنها أحب إليه من الكذب الصراح إذ أنها تتماهى في أسماع الناس في ثوب فضفاض فإن أمسكت منه طرفاً أفلت منك آخر ولهذا فهي طويلة العمر وليست في عمر الذبابة كالكذب . وهو إلى ذلك حاد اللسان ذكي المقال ، يلقي الكلمة فلا تجد غيرها في مكانها خيراً منها . وفوق ذاك فهو ساخر الفكر حارق اللفظ عميق المعنى.
صاحبي هذا قال لي إنه سمع خبراً أفقده صوابه وأنا لم أصدقه لأني أعلم أنه لم يعثر على ذلك الصواب منذ فقده عندما كان في السادسة من عمره ،وقتها سقط من فوق سطح منزلهم وقضى أهله اليومين التاليين يحاولون إقناعه بأنه ليس معلقاً في المروحة وإن الدوار الذي يحس به بسبب السقوط .. فقط!!، لكني لم أٌرد أن أحرمه من شيء يتمناه ولا يكلفني شيئاً غير بعض الصبر، فتسامعت له غير كاره.
يقول صاحبي كن مستعداً لخبر جلل سوف تسمعه عن قريب فعصر الفتوحات عاد وكتائب الأبطال هتكت طلائعها ستر الغياب وهي تدق أمامها الطبول . طليعة الفاتحين الجدد الذين سيعيدون لنا مجداً مفقوداً ويرفعون عن كواهلنا ذلاً موجوداً ويوقدون نيران حضارتنا عزاً مولوداً ، أصبَحت على مرمى حجر من شوكة الأعداء . نظرت إلى صاحبي مهتماً فالأمر على ما يبدو ليس كما ظننت ، وقلت: له أكمل. فقال: أتذكر إذ رد هارون الرشيد على رسالة ملك الروم بجيش قاده إليه كان يحرق المدن التي في طريقه حتى استسلم له الرومي.؟؟! قلت :نعم .. قال فإن الله أنعم علينا برشيد آخر غير رشيد بني العباس. فالرشيد “البغدادي” الذي كان يقود الفتوح شرقاً وشمالاً وفي ركبه القراء والفقهاء والعلماء ، أصحاب اللحى والسيوف ، من كتبوا التاريخ بحبر أحمرٍ قانٍ وعطّـروه بغبار المعارك وخطروا على عتبات التاريخ بأقدام حافية تورمت من أثر القيام. ذلك الرشيد أبدلنا الله بمن هو خير منه ..!!! رشيد ” الرياض” أبشرك به على رغم من الأعداء ، يقود كتيبة لا كالكتائب صحيح أنها كتيبة بدون لحى – بما في ذلك القائد- ولكنها ستكتب التاريخ بحبر أحمر زاهٍ لا يكتب إلا على الشفاه !! وستملأ هذه الكتيبة فضاء التاريخ عطراً “شـانيـلياً” فواحاً يكاد يذهب بالعقول .. وكما خطرت كتائب هارون على عتبات التاريخ ستخطر هذه الكتيبة على عتبات “الحمراء” وقصر “بعبدا” بأقدام بضةٍ وكعوب عالية:ss: .
“الرشيد” النجدي لا يُلقي الرعب في قلوب أعدائه بهتاف الأبطال تحت رايته العباسية الشهيرة ” يا محمد .. يا منصور” .. فتلك رجعية لا تليق بعصرنا وظلامية يُخشى معها الهلاك .. والحق أني نسيت أن أخبركم أنه لا راية له من الأساس لكي يهتف تحتها أو فوقها فهو – وبالتالي كتيبته الحاصدة – يفرقون من إضاعة “مال الله ” على ما لا يلزم ولذلك فهم لا يستخدمون إلا ما اتفق عليه مستشارو “الرشيد” بأنه من الضرورات وخصوصاً في الأقمشة وما في حكمها فيكفي منها ما قل … ودل)k .
ولأن “الرأي قبل شجاعة الشجعان” فإن “الرشيد” ذهب للقاء ” أهل الفكر” في عاصمة “الفكر” فإن لم تعرف إين هي عاصمة الفكر فأبدل “العين” “قافاً” ولا تسأل أحداً. فالفكر في زمن العولمة قد أصبح مثل مواد البناء والخضروات والملابس الداخلية له مؤسسة وربما نجده بعد قليل يعبأ في قوارير ويوزع على المعوزين وسنكون طبعاً على رأس القائمة :i: . ومؤسسة الفكر العربي التي يرتحل إليها ” الرشيد” بكتيبة ” النواعم” لعله يأتينا منها بقبسٍ تقع في أرضٍ تخالها من اختلاف أهلها ما عناه المتنبي عندما قال:” ولكن الفتى العربي فيها *** غريب الوجه واليد واللسان”.. أما ما عدا ذلك فهو من أهل الدار:p .
وتلك البقالة التي حُشر إليها المتردية والنطيحة من “مسترزقة” الأقلام وسماسرة الآراء وباعة الحروف والكلمات ، قيل لنا أنها تهتم بالجمع بين الفكر والمال وكفى بهما نقيضين . والعبد لله ما كتب الله له حتى لحظة كتابة هذه الأحرف أن يرى مفكراً حاز مالاً إلا وله من الفساد نصيب. فالجمع بينهما لا يشابه إلا طرفة ألقاها أبو المنتصر البلوشي حفظه الله عندما حاول بعض البسطاء تمييع منهج السلف ليشمل كل الناس كما أراد بعض الناس;) فقال لهم متهكماً : نعم .. وأنا أضرب لكم مثالاً حياً .. تركي الحمد .. فهو علماني سلفي:p .
ورئيس المؤسسة إياها يبدو أن أحداً لم يخبره أن “القومية العربية” مسلسل قد انتهت حلقاته منذ عام التسعين الميلادي ، وأن محاولة إعادة الحياة لها شيء يشبه زرع البيض!! . ولكنه مع ذلك لا يزال متأثراً بتجربته “السياحية” فما قبل بكتيبة ” الرشيد ” حتى أصبحت للعائلات فقط:p .. أما” الرشيد” فهو داخل في حكم العموم!!.
بقي أن نقول أن هناك من سيتجاوز “أهل الحل والعقد” ويقول : وكيف تسافر ثلاث عشرة امرأة بدون محرم .. فيتصدى له فحل يلطمه قائلاً: ويحك أنهن في صحبة صالحة!! فإن قفز آخر سائلاً : فما بال “الرشيد” معهن؟ رد عليه متشاغلاً :” لعله من غير ذوي الإربة”!!:g: .
ثم إنهن ذاهبات لإصلاح ما أفسدتموه أيها الرعاع المتعجلون ، لم تكفوا عن الإفتئات على ولاة الأمر والعلماء حتى جيشتم الدنيا ضدنا وأنتم تعلمون أن الجهاد لا يصح إلا بإذن ولي الأمر.. وها هو قد أذن !! فالزموا أماكنكم وستريكم هذه الكتيبة كيف يكون التعامل مع الآخر بوسطية الإسلام وسماحة الإسلام وبشاشة الإسلام . سوف تدار هذه الأمور بالفكر الحديث بعيداً عن نصوصكم المحنطة وأفكاركم التي تجمدت عند القرن الرابع الهجري!!.
“الرشيد” قيضّـه الله لنا على حاجة ليصلح أحوال الأمة وهو يتمثل بقوله ” فاسألوا أهل “” الفكر”” ” أما ” أهل الذكر” ففي أفواههم من الماء ما يكفي لطوفان جديد، وهو أصولي لا يتجاوز أشياخه ويردد دائماً : فإن اختلفتم في شيء فردوه إلى مراجعكم في حوزات واشنطن ونيويورك وباريس.. فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب تلك “الكرافتة”.)k
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق