العسكر..وأنا

” الساخر كوم ”

أن تكون أعزباً فهذا نصيب … أن تسكن مع ذلك بعيداً عن أهلك ، فهذا قدر… أما أن تكون ثالثة الأثافي أن يسكن معك في هذا المنفى عسكري… فهذا ابتلاء ولاشك.ففتش في سجلاتك السود عن ما اقترفته يداك حتى حل بك هذا البلاء فما رفعت نعمة إلا بمعصية ولا كشف بلاء إلا بتوبة.

والحياة مع عسكري في بيت واحد نوع من الحصار لا يعرفه إلا العزّاب .. فالعسكر يحتلون أي مكان يكونون فيه حتى ولو سلمته لهم طائعا مختارا” لعلمك بما قد يجره عليك رفضك-فيما لو سوّلت لك نفسك أمراً آخر- من سوء عاقبة.ولأن أغلبهم ذوو لياقة عالية “ربما لأنهم لم يتزوجوا بعد” فإن النقاش معهم في أبسط المواضيع قد يتحول بدون أن تدري إلى نقاش جسدي سوف تكون فيه أنت الأضعف حجة وهم سوف يقنعونك بكل تأكيد بوجهة نظرهم التي سوف تصبح منذ ذلك الوقت من المقدسات فإن عدت للنقاش عادوا للإقناع وعدت بدورك للمستشفى.

ولأنهم يعتقدون أنك يجب أن تكون ممتناً لهم لأنهم الحماة الحقيقيون لأمنك” مع أنهم الخطر الوحيد المحدق بك في ذلك المنفى” ، فإنك مطالب بتوفير مقابل لهذه الخدمة الجليلة. فملابسك تصبح مشاعاً لهم فإن اعترضت أقنعوك كالعادة ، وإن سكت ذهبت ملابسك أدراج الرياح..
رائحة ملابسهم العبقة بكل ما تتخيل من الروائح” إذا استثنينا الطيبة منها” تحتل هي الأخرى حيزاً لا يستهان به من الشقة ولأنهم قد فقدوا حاسة الشم ” فيما فقدوا”فإن وجودها لا يغير من واقع الأمر شيئا. وهم يعلمون بلؤمهم المتأصل أنك لن تستطيع التعايش مع هذه النسمات الرقيقة فيكون التصرف المتوقع من ضحية مثلك هو أن يغطي تلك الملابس بأقرب شيء ثم نقلها إلى أول مغسلة تقبلها مع أنك ستجد في ذلك مشقة وستقضي وقتاً طويلاً قبل أن تجد مصاباً بالزكام يقبل بها.

والعسكر يقضّون مضاجعنا ويملأون أسماعنا بكلامهم عن النظام والقانون ، وكيف أنهم وجدوا على هذا الكوكب لتعليمك أيها الفوضوي كيف تعيش حياتك كبشر ,كيف تتخلص من تعاملك البهيمي مع كل ما حولك فما أنت إلا مدني غبي تفلسف الأمور على مزاجك” كأنه من المطلوب منك أن تفهمها على مزاجهم هم”.
بينما هم من تتوزع أغراضهم بالتساوي على كل شبر من أراضي شقتك المحتلة.

أما إذا كانوا مدخنين “هذه قاعدة وليست إستثناء” فإنك سوف تصبح مدمناً لروائح السجائر رغماً عنك والشاي تبعاً لذلك ، فإذا غابوا عنك يوماً أو يومين إما لتوسع نطاق مهامهم ليشملوا مبتلين آخرين غيرك أو لوقوعهم في شر أعمالهم وتسلط أحد كبارهم- الذين علموهم القهر – عليهم وشفى بهم صدور قوم مبتلين.أقول فإذا غابوا فإنك سوف تبحث عن أقرب عسكري طليق لتجلس بجواره حتى يعود إلى دمك منسوبه الجديد من النيكوتين والذل.

وهم لديه قناعة غريبة بأنك أيها المدني .. لا تفهم شيئاً من الأمور العسكرية ” العسكرية تشمل السياسة والإقتصاد والأمن …الخ، لم يتركوا لك الا الطبخ” وعليه فيجب أن لا تكون لك وجهة نظر في أي من هذه الحقول الملغومة ..ماذا يعني هذا الكلام ؟؟! يعني أن تسمع وتطيع . بينما هم يفهمون في كل شيء من الرياضة إلى الدين مرورا بالفن والتاريخ . وهم لديهم دائما مصادر موثوقة وقريبة من صنّاع القرار حتى لو كانوا لا يحملون على أكتافهم أي رتبة. وهم دائما مهمون في وظائفهم ولو حدث لهم أي مكروه فقل على استقرار الوطن ” يا رحمن يا رحيم”.

هؤلاء العسكر لديهم قدرة عجيبة على إفهامك انك لا تفهم شيئاً وأنك عبء حتى على التراب الذي تمشي عليه. فأنت لا فائدة منك على الإطلاق بل إنك تستنزف الكثير من وقتهم الثمين الذي كان من الممكن لولا وجودك السمج أن يصرف في أمور أهم … ماهي هذه الأمور الأهم؟؟ ألم نقل لك أن تسمع وتطيع..عدت للنقاش مرة أخرى.. يجب أن تُقنع “جسدياً”.

ابن رشد

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فكَر معي..

عين ثالثة

لا عليكم.. سوف يعتذر‍‍‍‍