الـخراف... !

” الساخر كوم ”

بــسـم اللــه الـرحـمـن الـرحـيـــم

أمس .. توفي ” علــي”.
في التاسعة عشر .. في العشرين .. في الحادية والعشرين …. من إشراقه..
مهم … لكن الأكثر أهمية أن روحاً غضةً .. قد انطفأت .
روح تتوهج ككوكب ٍ متألق .. وتتراقص كخفقة عطر .. أنطفأت ..

رحل .. علي..
كان يخطر على درجات حلمه …وكأنه يسير فوق السحاب ..
كان كل الشباب .. والجمال .. والعافيه …
كان ابتسـامة يغار منها الربيع ..
وشباباً يخشاه المشيب..
وفي ذات قدر …
إنطفأت روح .. ومات أمل .. وتبدد حلم .

ولكن أحداً .. أي أحد .. لم يعلم بموت علي ..
وأحداً .. أي أحد .. لم يعبأ بموت علي ..
لماذا ..؟؟
هل كان علي ورقة .. سقطت ؟؟
أم كان لمحة بارق ٍ .. خفتت؟؟
أم أنه اختفى هكذا .. بكل بساطة .. ككذبة لا تهم أحداً!!
وهل سنختفي مثلما اختفى علي ..
هل سيدرك أحد أننا فارقنا الحياة ..إذا حدث هذا فعلاً..
بل السؤال الأهم ..
هل ندرك نحن الآن .. أننا لا نزال أحياء!!
ولماذا نحن أحياء .. ؟؟
أحياناً .. أظن أننا أحياء لأننا لا نملك القدرة على الموت ..
ربما لأننا لا نملك القدرة على أي فعل ..
نحن نسير في تيار جارف .. لانستطيع حتى التفكير إلى أين نذهب ..
نعيش مثل كائنات وحيدة الخلية ..لوحدنا ..
نأكل ونتنـاسل وننام .. حياة خراف .. وعندما يموت خروف .. لا يحصل ما يغير حياة بقية القطيع .. اللهم إلا أن نصيب كل منهم من الشعير قد اصبح أكثر.
نحب أنفسنا أكثر من أي شيء.. وأكثر من كل شيء.. يخيل إلينا أننا نفعل .. بينما نحن نسير في هلاكها.
نعيش بلا مشروع .. وبلا إنجاز … وربما بلا رغبة في العيش …
يروى عن عمر أنه قال:” لولا أن أضع جبهتي لله .. وأن أسير في سبيل الله .. وأن أجالس أقواماً ينتقون أطايب الكلام كما تنتقون أطايب الثمر ..ما كنت أبالي إن مت”
عندما يموت صاحب المشروع يترك بقايا من روحه في مشروعه … وعندما يفنى صاحب الإنجاز .. يخلده الإنجاز..
إن أنت أردت أن تحيا كائنا وحيداً وإن عرفت الملايين .. شريداً وإن سكنت القصور .. طريداً وإن تبعك الألوف .. فلا تختلف عن غيرك من أعضاء القطيع… دع هذا العقل في صندوقه السحري لعله يحفظه من أن يتبخر .. وعش على ملذاتك وأهوائك.
أما في حال أردت أن تكون شخصاً .. إسماً .. علماً .. لا رقماً يدرج في دفاتر الوفيات وينساه الزمن وتنساه الدفاتر .. فغيـّر .. فكـّر … إعرف ماهيـّة حياتك .. وسببــيـّـة وجودك.. إعلم أن الله لم يخلق أحداً عبثــا .. لكن قلة عرفوا لم خلقوا.. وأكثرهم لا يعلمون.

ابن رشد

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نحو الإنفراد بأمريكا .. أسامه يهادن أوروبا